من كلام عبد الله بن مسعود
شيخ الإسلام ابن قيم الجوزية
الفوائد - ص162
قال رجل عنده : ما احب أن أكون من أصحاب اليمين , احب أن أكون من المقربين ! فقال عبد الله : لكن هاهنا رجل ود انه إذا مات لم يبعث , يعنى نفسه. وخرج ذات يوم فتبعه الناس , فقال لهم الكم حاجه ؟ قالوا لا ولكن أردنا أن نمشى معك , قال : ارجعوا فانه ذلة للتابع وفتنه للمتبوع . وقال لو تعلمون منى ما اعلم من نفسي , لحثوتم على رأسي التراب . لا يقلدن أحدكم دينه رجلا , فان آمن آمن، وان كفر , كفر , وان كنتم لا بد مقلدين , فاقتدوا بالميت , فان الحي لا تؤمن عليه الفتنه. اطلب قلبك في ثلاث مواطن : عند سماع القرآن , وفى مجالس الذكر , وفى أوقات الخلوة , فان لم تجده في هذه المواطن , فسل الله أن يمن عليك بقلب , فانه لا قلب لك . إن الناس قد احسنوا القول , فمن وافق قوله فعله , فذلك الذي أصاب حظه , ومن خالف قوله فعله , فذاك إنما يوبخ نفسه . اني لاحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها. ليس العلم بكثرة الرواية , ولكن العم بالخشية ما على وجه الأرض شئ أحوج إلي طول سجن من اللسان . وقال له رجل: علمني كلمات جوامع نوا فع ! فقال عبد الله: اعبد الله لا تشرك به شيئاً وزل مع القرآن حيث زال ، ومن جاء بالحق ، فقبل منه وان كان بعيدا بغيضا ، ومن جاءك بالباطل ، فاردد عليه وان كان حبيبا قريبا. كونوا ينابيع العلم ، مصابيح الهدى ، احلاس البيوت ، سرج الليل ، جدد القلوب ، حلقان الثياب، تعرفون في السماء، وتخفون على أهل الأرض . يكون في آخر الزمان أقوام افضل أعمالهم التلاوم بينهم ، يسمون الانتان . إذا احب الرجل أن ينصف من نفسه ، فلياتى إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إلي